مهارات حل الاستشارة القانونية

انشرها على:


"مهارات حل الاستشارة القانونية"


الاستشارة القانونية هي طلب رأي ممن له دراية واختصاص في مجال القانون حول وضعية معينة، وعلى هذا الأساس يتعين عند ممارسة هذا الصنف من التمرين الحرص على ضبط المشاكل القانونية التي تتميز بها الوقائع القانونية المعروضة وعلى تحديد النصوص القانونية المناسبة لحلها .

ويحتوي نص الاستشارة على سرد لعدد من الوقائع مشفوعا بسؤال أو أكثر. وقد يكون سرد الوقائع واضحا، كما قد يكون السؤل المطروح واضحا فتسهل بذلك مهمة الباحث و من ذلك مثلا ( هل يجوز لخصمي إرغامي على الأداء؟) أو ( هل سقط حقي بمضي المدة؟).

وقد يكون الأمر عكس ذلك فيتخلل عرض الوقائع نقص في بعض المعطيات أو يكون السؤال غير محدد بما فيه الكفاية و من ذلك مثلا (بماذا تنصحني؟) و هذه الطريقة الثانية تهدف إلى حث الباحث على تصور مختلف الوضعيات الممكنة و إيجاد الحلول الملائمة لها. وفي جميع الحالات فإن الاستشارة المطلوبة يجب أن تتم دون تحيز لأحد الأطراف وإلا فقدت موضوعيتها و بالتالي جدواها .

فدور الدارس يتمثل في بيان موقف القانون من المسألة المعروضة و من وراء ذلك موقف المحكمة المحتمل في حالة ما إذا عرض النزاع عليها. و هكذا فإن بلوغ الحل المناسب يقتضي إثبات جميع المعطيات المتوفرة سواء التي هي في صالح طالب الإستشارة أو ضده و مناقشتها.

ومن جهة أخرى فإنه طالما كانت الاستشارة القانونية تهدف إلى الحصول على رأي قانوني، فإن هذا الرأي يجب أن يكون مبنيا على تحليل قانوني متين من شأنه الإقناع بوجاهته. ولتحقيق ذلك فإنه تعين الحرص على فهم الوقائع و تكييفها بصفة قانونية. واستخراج المسائل التي تثيرها وضبط النصوص القانونية الخاضعة لها. والتثبت من توفر شروط انطباقها عليها و اللجوء عند الاقتضاء إلى تأويل هاته النصوص وتعزيز ذلك إما بموقف الفقه أو الاجتهاد القضائي من هذه المسائل .
و إذا كان الأمر يتعلق بنص قانوني قابل بتأويلات مختلفة، فإنه يتعين عرض هذه التأويلات و بيان أسانيدها و مناقشتها و اختيار أنسبها. وهكذا يتضح أن من أهم ما تتطلبه الاستشارة القانونية وضوح الرأي و التعليل القانوني المنطقي.
كما يجب أن يكون الحل المقترح غير مخالف للنصوص القانونية خاصة وأن الأمر يتعلق بالتعرف على الواقع التشريعي بخصوص مسألة معينة و بالتالي بالتكهن بموقف المحكمة منها في حالة ما إذا عهد بهذه المسألة إليها. و لذلك فلا مجال للإطناب في مختلف التيارات الفكرية أو الفلسفية بشأنها أو في إنتقاد موقف المشرع منها فصبغة مثل هذا التمرين تطبيقية و ليست نظرية.
وبلوغ الحل القانوني و ضمان سلامته يستوجبان إتباع الخطوات التالية :



1- فهم النص موضوع الاستشارة

2- البحث عن عناصر الجواب 

3- ترتيب الأفكار
4- الــتــحــريـــر

1- فهم النص موضوع الاستشارة
وهذا ما يتحقق من خلال فهم الوقائع فهما جيدا ثم القيام بترتيبها وكذا فهم السؤال المطروح و تكييفه بطريقة قانونية.
1-1- فهم الوقائع :           
  يشتمل نص الاستشارة على سرد لعدد من الوقائع مشفوع بطلب رأي قانوني فهذه الوقائع تشكل إطارا للبحث القانوني المطلوب ولذلك لا يمكن الإجابة عن السؤال المطروح دون فهمها والإلمام  بها من جميع نواحيها. ولتحقيق ذلك يكون من الأفضل إعادة قراءة نص الاستشارة أكثر من مرة، خصوصا وأن أبسط الجزئيات التي قد تبدو غير أساسية قد يكون لها دور رئيسي في الاهتداء إلى الحل السليم.
 غير أن القراءة المتكررة لنص الوقائع قد تكون في حد ذاتها غير كافية لفهمها كما يجب و ذلك في حالة تشعبها و تعلقها بمسائل متباينة. ولذلك فإنه في هذه الحالة يتعين القيام بترتيب هذه الوقائع حسب علاقتها يبعضها وكذا حسب تسلسلها الزمني، و بعد الإنتهاء من هذه العملية يتم التأمل في السؤال المعروض .
 2-1- فهم السؤال :                 
يشتمل كل نص استشارة على سؤال أو أكثر حسب الحالات و لا شك أن الإجابة على هذا السؤال تستوجب فهمه كما يجب. وكما سبقت الإشارة فإن مهمة الباحث تسهل في الحالة التي يتم فيها طرح السؤال في بصيغة واضحة. و يكون الأمر خلاف ذالك في صورة أو في حالة إذا ورد السؤال في صيغة عامة أو إجمالية. و من ذلك مثلا : بماذا تنصحني ؟ و في مثل هذه الحالة يتحتم على الدارس إدراك غاية واضعي نص الاستشارة و إعادة صياغة السؤال في شكل قانوني عند الاقتضاء .
     وبعد فهم السؤال المطروح يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية و هي المتمثلة في البحث عن عناصر الإجابة. 

2- البحث عن عناصر الجواب :
تهدف هذه الخطوة إلى تكييف الوقائع تكييفا قانونيا والبحث عن القواعد القانونية الخاضعة لها و تحديد القاعدة أو القواعد الحاسمة للمسألة المتفرعة عنها. و تطبيقها لبلوغ الحل المنتظر. و تكون مهمة الباحث يسيرة عندما يتضمن السؤال المطروح الإشارة إلى القاعدة أو مجموعة القواعد موضوع الاهتمام و من ذلك مثلا ( هل أصبح حائز العقار مالكا له بموجب التقادم المكسب ؟ ) أو (هل لزيد أو حق الشفعة ؟ )
وحتى إن كان السؤال مطروح بطريقة قانونية واضحة فإن ذلك وحده غير كاف للتعرف على النصوص المطبقة على المسألة المطروحة و ذلك خاصة في حالة إمكانية إدراك الحل بطرق مختلفة واختلافه بحسب الطرق المتبعة فيتحتم عندئذ استعراض جميع القواعد المحتمل تطبيقها على المسألة موضوع النظر دون تسرع بإتحاد موقف منها، ذلك أن مثل هذا التسرع من شأنه صرف النظر عن قواعد قد تكون في حقيقة الأمر هي المطبقة دون سواها على المسألة المعروضة .
وعلى هذا الأساس فإنه يكون من الأحوط استعراض جميع القواعد المحتمل تطبيقها على الوقائع المعروضة و التأكد من مدى توفر شروطها، و التخلي شيئا فشيئا عن القواعد غير المناسبة و حصر الاهتمام في المتبقية منها إلى أن يتم في نهاية الأمر التوصل إلى تحديد القواعد الحاسمة للمسألة أو بتطبيقها على الوقائع يتم الاهتداء إلى الحل .
و بهذا الاهتداء تكون قد توفرت جميع الأفكار المكونة لعناصر الإجابة إلا أنه ضمانا لوضوح هذه الأفكار و لتسلسلها المنطقي يتعين ترتيبها قبل الشروع في التحرير. 

3- ترتيب الأفكار :
تشتمل كل دراسة استشارة قانونية على ثلاث عناصر وهي المقدمة والجوهر والخاتمة :
1-3- المقدمة:                                    
يتمثل الدور الأساسي للمقدمة في ضبط المسائل القانونية استنادا إلى الوقائع المعروضة و الإعلان عن خطة البحث و من خاصية المقدمة البساطة والوضوح، و هي تحتوي عادة على :
- تمهيد عام في جملتين أو ثلاث لتحديد إطار المسألة المعروضة .
- بسط موجز و واضح للوقائع .     
-  بيان المسألة أو المسائل القانونية المتولدة عن الوقائع .
- الإعلان عن خطة البحث. 
2-3- الجوهر:    
يعتبر الجوهر أهم أجزاء الدراسة فهو يحتوي على الدراسة القانونية المنتظرة بكل ما تتطلبه من نقاش و تحديد و لذلك فإن وضوح محتواه يحتم تنظيم محكما للأفكار واعتماد التخطيط في ذلك. وليس من الضروري اعتماد خطة تقوم على تقسيم ثنائي كما أنه من غير الضروري حصول توازن بين أجزاء الدراسة، بحيث يمكن أن تتعدد أجزاء الدراسة بتعدد المسائل المتباينة و المعروضة إلا أن هدا لا يعني تجنب تصنيف الأفكار المسائل المتقاربة، و تقسيم أجزاء الدراسة إلى فقرات أو فروع بحسب الحالات. فترتيب الأفكار من شأنه ضمان وضوحها و فهمها من قبل القارئ و بعبارة أخرى فإن الخطة هنا ليست خاضعة لجميع الشروط الشكلية التي تستوجبها المقالة القانونية. و هكذا فإن أهم شيء يجب الحرص على تحقيقه هو وضوح الفكرة و تحليلها بطريقة محكمة من شأنها الإقناع بوجاهتها القانونية.            
3-3- الخاتمة:       
تتميز الاستشارة القانونية بالصبغة الوجوبية للخاتمة، ذلك أن الخاتمة يجب أن تتضمن الإجابة عن السؤال المطروح.

4- التحرير:
لا يخضع التحرير بالنسبة لهذا الصنف من التمارين لقواعد خاصة إلا أنه يستوجب كسائر الدراسات القانونية الأخرى  (الوضوح) أما بالنسبة لأسلوب التحرير فإنه من الأنسب تجنب أسلوب التخاطب والحرص على التواضع و الاكتفاء بدراسة مجردة للوقائع و للقانون دون التوجه لشخص معين.


انضموا إلى قائمة متابعينا على فيسبوك لتكونوا قريبين من جديد الموقع من خلال الضعط على زر الإعجاب

انشرها على:

مقالات وبحوث

أضف تعليق:

0 التعليقات:

هل لديك أي استفسار؟تحدث معنا على الواتساب
مرحبا، كيف أستطيع مساعدتك؟ ...
... انقر فوق لبدء الدردشة