تعليق على قرار محكمة النقض عدد 484/10 بخصوص حجز اموال الشريك الوحيد، ذ:حسن أيت موح

انشرها على:

 



تعليق على قرار محكمة النقض عدد 484/10

 

   الصادر بتاريخ 29 يوليوز 2021

 

في الملف المدني عدد 132/1/10/2020

 

بخصوص حجز اموال الشريك الوحيد

 

ذ:حسن أيت موح

 

  باحث في القانون

 

 

نص القرار:

شركة ذات مسؤولية محدودة –استقلال الذمة- حجز أموال الشريك الوحيد- لا.

مبدأ استقلال الذمم يكون مانعا من إجراء أي حجز على الأموال الشخصية للشريك الوحيد،طالما أنه ليس من بين أوراق الملف ما يوحي بأن الشركة المذكورة ذات طبيعة تضامنية أو أنها انتهت عن طريق الحل أو غيره وأن أموالها فعلا صفيت والت فعلا الى الشريك الوحيد المذكور.

                           باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه رقم 175 الصادر بتاريخ 06/5/2019 في الملف رقم 89/1101/2019 عن محكمة الاستئناف بالرباط أنه بتاريخ 05/2/2019 ادعى عبد الله ك أمام رئيس المحكمة الابتدائية بتمارة أنه استصدر عن هذه المحكمة حكما في إطار منازعات الشغل قضى على شركة ك في شخص ممثلها القانوني بأدائها له تعويضا إجماليا قدره 320.745 درهم، انتهت إجراءات تنفيذه بتحرير محضر إخباري يفيد تعذر التنفيذ لعدم وجود أية علامة تجارية اشهارية تدل على وجود الشركة المذكورة،وتعذر العثور على ممثلها القانوني. وأنه نظرا لكون هذه الأخيرة تعتبر شركة ذات مسؤولية محدودة،وأن ممثلها ومسيرها الوحيد هو المسمى محمد ك فان هذا الأخير يبقى بدوره مسؤولا مسؤولية شخصية عن ديونها،وتمشيا مع العمل القضائي وعملا بمقتضيات الفصل 1048 من قانون الالتزامات والعقود،يلتمس إصدار أمر بالحجز التحفظي على ملك هذا الأخير المسمى أرض الطالع موضوع الرسم العقاري عدد 30261/38 ضمانا لتنفيذ وأداء مبلغ الدين أعلاه،وأمر المحافظ العقاري بتضمين هذا الأمر على الرسم العقاري المذكور.بعد تمام الإجراءات،أصدرت المحكمة أمرا برفض الطلب استأنفه المدعي عارضا أسباب استئنافه، وبعد استيفاء الإجراءات المسطرية قضت المحكمة بتأييد الأمر المذكور بموجب قرارها موضوع الطعن بالنقض.

في شأن الوسيلة الوحيدة:

حيث يعيب الطاعن على القرار عدم الارتكاز على أساس قانوني وسوء التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أن المحكمة المصدرة له اعتمدت فيما قضت به على المادة 44 من قانون 5.96 بعلة أن الذمة المالية للشركة مستقلة عن الشريك،وأغفلت ما هو منصوص عليه في الباب الأول المتعلق بالأحكام العامة من القانون المذكور وخاصة المادة الأولى منه التي تنص على أن الشركة المذكورة تخضع كذلك للأحكام غير المخالفة الواردة في قانون الالتزامات والعقود،وأنه يتبين من المقال الاستئنافي ومن وقائع القرار المطعون فيه أن الطاعن تمسك بمقتضيات الفصل 1048 من هذا القانون واستدل بقرار في نفس الموضوع صادر عن محكمة النقض تحت رقم 1003 الذي اعتبر بأن الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ملزم بأداء ما عليه من دين في حدود حصته وأنه ليس غيرا بمفهوم الفصل 486-هكذا- من قانون المسطرة المدنية الذي يجوز له ادعاء ملكية المنقولات المحجوزة غير أن القرار المطعون فيه لم يجب عن الدفع المذكور بمقبول مما يعرضه للنقض.

لكن حيث انه بمقتضى المادة 3 من قانون 96-5 فان شركة التضامن هي الشركة التي يكون فيها لكل الشركاء صفة تاجر ويسألون بصفة غير محدودة وعلى وجه التضامن وبموجب الفقرة الأخيرة من المادة 44 من نفس القانون إذا كانت الشركة ذات المسؤولية المحدودة تتكون حيادا على مقتضيات الفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود من شخص واحد يسمى هذا الشخص بالشريك الوحيد، ولما كان البين من أوراق الملف أن الحجز التحفظي موضوع الطلب مترتبا عن حكم اجتماعي،في مواجهة شركة ذات المسؤولية المحدودة، لا ضد المطلوب بصفته شريكا وحيدا فيها ، فان مبدأ استقلال الذمم يكون مانعا من إجراء أي حجز على الأموال الشخصية لهذا الأخير، طالما أنه ليس من بين أوراق الملف ما يوحي بأن الشركة المذكورة ذات طبيعة تضامنية أو أنها انتهت عن طريق الحل أو غيره وأن أموالها فعلا صفيت والت فعلا إلى الشريك الوحيد المذكور.فان المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه لما استبعدت إعمال مقتضيات قانون الالتزامات والعقود التي استثنتها  المادة 44 أعلاه واستندت فيما قضت به من رفض طلب الحجز على عقار المطلوب تأييدا للأمر الابتدائي إلى مبدأ استقلال ذمة هذا الأخير عن ذمة الشركة المدينة لطالب الحجز آخذا بعين الاعتبار نوع هذه الأخيرة وطبيعتها ووضعها الراهن كشخص معنوي قائم الذات، يكون قرارها مرتكزا على أساس وغير خارق لأي مقتضى قانوني ومعللا تعليلا كافيا،وما بالوسيلة على غير أساس.

                            لهذه الأسباب

قضت محكمة النقض برفض الطلب وبتحميل الطالب المصاريف.

التعليق:

صدر عن محكمة النقض قرار عدد 484/10 بتاريخ 29 يوليوز 2021 في الملف المدني عدد 132/1/10/2020 أكدت فيه أن مبدأ استقلال الذمم يكون مانعا من إجراء أي حجز على الأموال الشخصية للشريك الوحيد، طالما أنه ليس من بين أوراق الملف ما يوحي بأن الشركة المذكورة ذات طبيعة تضامنية أو أنها انتهت عن طريق الحل أو غيره وأن أموالها فعلا صفيت والت فعلا إلى الشريك الوحيد المذكور.

 ويثير هذا القرار انتباه الباحثين من خلال عدة جوانب منها:

 أولا: أن مبدأ استقلال الذمم يكون مانعا من إجراء أي حجز على الأموال الشخصية للشريك الوحيد في شركة ذات المسؤولية المحدودة.

ثانيا:أن الشريك الوحيد في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يعتبر غيرا بمفهوم الفصل 468 من قانون المسطرة المدنية،مستبعدا مقتضيات الفصل 1048 من قانون الالتزامات والعقود.

 وللتعليق على هذا القرار المهم- منشور بالنشرة المتخصصة لمحكمة النقض الغرفة المدنية السنة 2021 -  لابد من استعراض أهم وقائعه.

الوقائع:

تتلخص وقائع هذا القرار، أن الطالب استصدر حكما في إطار منازعات الشغل قضى على شركة"ك" في شخص ممثلها القانوني بأدائها له تعويضا إجماليا قدره320.745 درهم،انتهت إجراءات تنفيذه بتحرير محضر إخباري يفيد تعذر التنفيذ لعدم وجود أية علامة تجارية اشهارية تدل على وجود الشركة المذكورة،وتعذر العثور على ممثلها القانوني،وأنه نظرا لكون هذه الأخيرة تعتبر شركة ذات مسؤولية محدودة وان ممثلها ومسيرها الوحيد هو المسمى "محمد ك" فان الطالب التمس من رئيس المحكمة الابتدائية  إصدار أمر بالحجز التحفظي على ملك هذا الأخير المسمى "ارض الطالع" موضوع الرسم العقاري عدد 30261/38 ضمانا لتنفيذ وأداء مبلغ الدين.و بعد تمام الإجراءات ،تم رفض طلبه،استأنفه المدعي،غير أن محكمة الاستئناف أيدت الأمر المذكور،وهو القرار المطعون فيه بالنقض.

وقد قضت محكمة النقض برفض الطلب.

الادعاءات:

 يعيب الطالب على القرار المطعون فيه، عدم الارتكاز على أساس قانوني وسوء التعليل الموازي لانعدامه،ذلك أن المحكمة اعتمدت فيما قضت به على المادة 44 من 5.96 وأغفلت ما هو منصوص عليه في الباب الأول المتعلق بالأحكام العامة في القانون المذكور وخاصة المادة الأولى منه التي تنص على أن الشركة المذكورة تخضع كذلك للأحكام غير المخالفة الواردة في قانون الالتزامات والعقود ولاسيما مقتضيات الفصل 1048 من هذا القانون،مستدلا بقرار في نفس الموضوع صادر عن محكمة النقض.

جواب المحكمة:

.... أن الحجز التحفظي موضوع الطلب مترتبا عن حكم اجتماعي،في مواجهة شركة ذات المسؤولية المحدودة، لا ضد المطلوب بصفته شريكا وحيدا فيها، فان مبدأ استقلال الذمم يكون مانعا من إجراء أي حجز على الأموال الشخصية لهذا الأخير،طالما أنه ليس من بين أوراق الملف ما يوحي بأن الشركة المذكورة ذات طبيعة تضامنية أو أنها انتهت عن طريق الحل أو غيره وأن أموالها فعلا صفيت والت فعلا إلى الشريك الوحيد المذكور.

المشكل القانوني:

- ما هي مسؤولية مسير شركة ذات المسؤولية المحدودة ذات الشريك الوحيد؟

- اعتبار الشريك الوحيد غيرا تجاه دائني شركة ذات المسؤولية المحدودة.

ومن أجل التعليق على القرار سنتبنى تصميما يرتكز على النقطتين التاليتين:

*النقطة الأولى: حدود مسؤولية مسير شركة ذات المسؤولية المحدودة من شريك واحد.

*النقطة الثانية: نظام حماية الشريك مدعي عدم علاقته بدين الشركة.

النقطة الأولى: حدود مسؤولية مسير شركة ذات المسؤولية المحدودة من شريك واحد.

 لاغرو، أن القانون رقم 5.96 غير المفهوم الكلاسيكي للشركة التي عرفها الفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود بأنها "عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا،لتكون مشتركة بينهم،بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها".وذلك بسماحه تأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة مكونة من شريك وحيد ،بصريح الفقرة الأخيرة من المادة 44 من القانون المنوه به آنفا والتي جاء فيها أنه " إذا كانت الشركة تتكون،حيادا عن مقتضيات الفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود من شخص واحد سمي هذا الشخص بالشريك الوحيد، ويزاول الشريك الوحيد الصلاحيات المخولة  لجمعية الشركاء المنصوص عليها في هذا الباب".وبذلك يكون المشرع قد أحدث ثورة في قانون الشركات المغربي،بتأسيسه لهذا النوع من الشركات بشكل يسمح  بالحد من المسؤولية القانونية للشركة ،بفصل أموال الشريك الشخصية عن أصول شركته،وبالتالي لا يمكن لدائني الشركة إلا مصادرة الأصول العائدة للشركة.

ولعل هذا ما يفسر  سبب انتشار هذا النوع من الشركات،وحماس المقاولين لها،مادام أنهم وكما يوحي اسمها،يكونون مسؤولين عن ديون الشركة في حدود مبلغ مساهماتهم.

وأساس محدودية مسؤولية الشريك هو استقلال الشخصية المعنوية للشركة عن الشخصية الطبيعية للشريك،فللشركة اسم خاص بها،وذمتها المالية الخاصة بها والمستقلة عن الذمة المالية للشريك.

والجدير بالذكر أن البعض،يعتقد أن محدودية مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تجعله بمنأى عن أية مسؤولية،وهذا الاعتقاد خاطئ،اذ هناك الكثير من الحالات التي يكون فيها الشريك مسؤولا استثناء من التزامات الشركة في أمواله الخاصة،وخاصة عند مخالفته للأحكام القانونية المطبقة على الشركة ذات المسؤولية المحدودة، أو عند خرقه للنظام الأساسي،أو ارتكابه لأخطاء في التسيير تسببت في تصفية الشركة قضائيا.

هذا ،دون إغفال إمكانية إدانته جنحيا بجريمة التفالس وفق المحدد في المادة 754 من مدونة التجارة.

النقطة الثانية: نظام حماية الشريك مدعي عدم علاقته بدين الشركة.

إن اعتراض المحكمة –كما في نازلة الحال- على طلب الدائن بإجراء حجز تحفظي على ملك الشريك الواحد ضمانا لتنفيذ أموال على الشركة،بدعوى استقلال ذمته المالية عن ذمة الشركة المدينة، يجعلنا نعتبره في حكم الغير بمفهوم الفصلين 468 و482 من قانون المسطرة المدنية.

ولقد أكد الأستاذ عبد الرزاق أحمد السنهوري عند تعريفه للغير بأن" تعريف الغير وتحديده يختلف تبعا لأوضاعه المختلفة، فهناك الغير في العقود –في اثر العقد أو سريانه وفي التسجيل- وهناك الغير في حجية الورقة العرفية والغير في الصورية والغير في الأحكام،وهو في كل الأوضاع يتحدد على نحو يتلاءم مع هذا الوضع،والفكرة المشتركة في كل هذه الأوضاع،أن أثرا قانونيا معينا قد يمتد لشخص تقضي المبادئ العامة للقانون بحمايته من أن يمتد إليه،فيعتبر من الغير بالنسبة إلى هذا الأثر".

وبذلك،فمفهوم الغير يختلف بحسب المجال الذي يستخدم فيه،فالغير المخول له إقامة دعوى الاستحقاق مختلف معناه عن مفهوم الغير في حجز ما للمدين لدى الغير مثلا.

وهكذا،فان تمتع شركة ذات المسؤولية المحدودة  من شريك واحد بذمة مالية خاصة بها ومستقلة عن الذمم المالية لشريكها وخروج الحصة التي قدمها هذا الأخير مساهمة منه في رأسمال الشركة من ذمته ،ودخولها في ذمة الشركة، يعد مانعا من إجراء أي حجز على الأموال الشخصية للشريك الوحيد ،وذلك استثناء من مقتضيات الفصل 1048 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه بأنه " لدائني الشركة أن يباشروا دعاويهم ضدها ممثلة في شخص متصرفيها، كما أن لهم أن يباشروها ضد الشركاء شخصيا، إلا أنه يلزم البدء بتنفيذ الأحكام الصادرة لهم على أموال الشركة.ويثبت لهم على هذه الأموال حق الامتياز على دائني الشركاء الشخصيين،وعند عدم كفاية أموال الشركة،تسوغ لهم متابعة الشركاء شخصيا،لاستيفاء حقوقهم منهم،في الحدود التي تقتضيها طبيعة الشركة".

ومن نتائج،استقلال الذمم المالية، أن أصول الشركة تشكل ضمانا عاما لدائنيها فقط دون دائني الشريك الشخصي،فلا تجوز المقاصة بين دين شخصي على شريك وبين دين للشركة،بحيث إذا كان الشريك مدينا في نفس الوقت للشركة فلا يمكنه أن يتمسك بالمقاصة بين الدائنين لاختلاف ذمة الشريك وذمة الشركة.كذلك لا يجوز لدائن الشركة الرجوع على الشريك في أمواله الخاصة، وفي هذا الصدد صدر قرار عن محكمة النقض بتاريخ 26/5/2015 في الملف المدني 2015/8/1/102 جاءت فيه" لما كانت الدعوى التي سبق للأجير أن رفعها من أجل المطالبة بمستحقاته الناتجة عن عقد العمل موجهة ضد الشركة المشغلة،فان الحكم الصادر بشأنها وان كان قد أشار إلى الاسم الشخصي للمطلوب في النقض مقرونا بصاحب الشركة المشغلة،فان مباشرة إجراءات التنفيذ في مواجهة هذا الأخير بصفته الشخصية يشكل صعوبة في التنفيذ". كما  لا يحق  أيضا لدائن الشريك الرجوع على الشركة.

وختاما،وجب التأكيد على أن التنفيذ على الشركات المحكوم عليها غالبا ما يثير عدة إشكالات من الناحية العملية من قبيل،أن الشركة غالبا ما تعمد بعد الحكم عليها إلى تغيير اسمها أو مقرها،أو الإدماج مع شركة أخرى، وهنا وجب على المفوض القضائي أو الجهة المكلفة بتتبع إجراءات التنفيذ بالاطلاع على سجل الشركة التجاري،لتأكد ما إذا كانت نفس الشركة المحكوم عليها وقامت بتغيير اسمها ،فان ذلك لا يحول دون التنفيذ عليها، مادامت ذمتها المالية قائمة ومعلومة ومادامت الشركة هي قائمة قانونا.

هذا ،دون الحديث عن الشركات المحكوم عليها والتي فتحت في حقها بعدها مساطر معالجة صعوبات المقاولة وإشكالية عدم تصريح مجموعة من الدائنين لديونهم لدى السنديك داخل الأجل القانوني وما يترتب عن ذلك من سقوط ديونهم .


 

 انضموا إلى قائمة متابعينا على فيسبوك لتكونوا قريبين من جديد الموقع

‎مدونة المنبر القانوني‎

 

ترسل أعمالكم العلمية (من مقالات وبحوث...) لنشرها على الموقع إلى بريدنا الإلكتروني:

TRIBUNEJURIDIQUE@GMAIL.COM

انشرها على:

مقالات وبحوث

أضف تعليق:

0 التعليقات:

هل لديك أي استفسار؟تحدث معنا على الواتساب
مرحبا، كيف أستطيع مساعدتك؟ ...
... انقر فوق لبدء الدردشة